رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن تهديد الرئيس دونالد ترامب بقطع جميع المساعدات الأمريكية عن جنوب إفريقيا، يزيد من حدة التوترات بين واشنطن وبريتوريا، في ظل الانقسامات القائمة بالفعل حول الحربين في غزة وأوكرانيا. وردًا على تهديدات ترامب، قال وزير الموارد المعدنية والبترولية في جنوب إفريقيا جويدي مانتاشي، في مؤتمر انعقد في كيب تاون: "إذا لم يمنحونا المال، فلن نعطيهم المعادن"، مثل الذهب والبلاتين والألماس والمنجنيز والكروميت وخام الحديد !

وذكرت الصحيفة، في سياق تقرير نشرته، اليوم /الثلاثاء/، أن "إداعات ترامب – دون تقديم أدلة – بأن الحكومة في جنوب إفريقيا تصادر الأراضي يأتي في سياق قضية عرقية حساسة". 

وأضافت أن ترامب زعم، في منشور على "تروث سوشيال" - وهي منصة تواصل اجتماعي خاصة بالرئيس الأمريكي - أن حكومة جنوب إفريقيا تصادر الأراضي وتسيء معاملة بعض الفئات، في إشارة فسّرها كثيرون على أنها تتعلق بالمزارعين أصحاب البشرة البيضاء في البلاد. وكتب ترامب: "سأوقف كل التمويل المستقبلي لجنوب إفريقيا حتى يتم إجراء تحقيق كامل في هذا الوضع". 

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن القضية التي تناولها ترامب تتعلق بقانون جديد يسمح بمصادرة الأراضي دون تعويض في بعض الحالات النادرة، وهو إجراء تؤكد حكومة جنوب إفريقيا أنه يهدف إلى إنهاء التفاوتات العرقية في ملكية الأراضي بعد حقبة الفصل العنصري، لافتة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها ترامب في سياسات جنوب إفريقيا العرقية، إذ سبق أن ادّعى خلال ولايته الأولى، دون تقديم دليل، أن هناك عمليات قتل واسعة النطاق للمزارعين أصحاب البشرة البيضاء هناك. 

ونفى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، في منشور على "إكس"، مزاعم ترامب، مؤكدًا أن القانون الجديد ليس "أداة للمصادرة"، بل هي "عملية قانونية ودستورية تضمن الوصول العادل إلى الأراضي"، مضيفًا أن الولايات المتحدة نفسها لديها قوانين مصادرة مماثلة للصالح العام. 

وقالت الصحيفة الأمريكية إنه لم يتضح بعد ما هي المساعدات التي يهدد ترامب بقطعها، لكن في عام 2023، التزمت الولايات المتحدة بتقديم ما يقارب 440 مليون دولار مساعدات لجنوب إفريقيا، كان معظمها مخصصًا لبرامج الصحة، لا سيما لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والوقاية منه. 

بالإضافة إلى المساعدات المالية، قد يسعى ترامب إلى تعليق مشاركة جنوب إفريقيا في قانون النمو والفرص الإفريقي (قانون أجوا)، الذي يمنح الدول الإفريقية المؤهلة إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية.

ويشترط هذا القانون على الشركاء التجاريين أن يحافظوا على اقتصاديات قائمة على السوق، وحكم القانون، والتعددية السياسية. 

وردًا على تهديدات ترامب، قال وزير الموارد المعدنية والبترولية في جنوب إفريقيا جويدي مانتاشي، في مؤتمر انعقد في كيب تاون: "إذا لم يمنحونا المال، فلن نعطيهم المعادن"، علمًا بأن جنوب إفريقيا تُصدِّر الذهب والبلاتين والألماس والمنجنيز والكروميت وخام الحديد إلى الولايات المتحدة، وهي معادن ضرورية لصناعة السيارات والعمليات الكيميائية وخلايا الوقود. 

واختتمت "واشنطن بوست" تقريرها بالقول إن العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا متوترة بالفعل بسبب عدة قضايا؛ منها الحرب في أوكرانيا؛ إذ استضافت جنوب إفريقيا سفينة حربية روسية عام 2023 وشاركت في مناورات بحرية مشتركة مع روسيا والصين، كما أدى موقف جنوب إفريقيا من حرب غزة إلى تعميق الفجوة، حيث رفعت بريتوريا دعوى إبادة جماعية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية؛ مما أثار استياء واشنطن، الحليف الرئيسي لإسرائيل.